Powered By Blogger

الخميس، 31 مارس 2011

الدولة الدينية و الدولة المدنية و نشأة العلمانية 3

انتهى الكلام عن الجانب التاريخى و أصول نشأة أفكار الدولة الدينية ، و المذهب الدنيوى فيما سبق من مقالات.
ولنا هنا العديد من التعليقات :

- أن كل ما سبق حول الدولتين الدولة الدينية و الدولة المدنية و المذهب الدنيوى ، هو تراث غربى منبتّ الصلة بتراثنا الإسلامى ، و لم يرد إلينا إلا متأخرا (أكان هذا تأخرا أم عدم احتياج ؟ ).
فمصطلح الدولة الدينية كما شرحناه غير موجود على الإطلاق و لا حتى شبيه له فى التراث الإسلامى.
 فنبينا عليه الصلاة و السلام ، و هو نبى يوحى إليه ، نزل على رأى أصحابه فى غير موقف ، فى غزوة أحد كمثال ، كان النبى صلى الله عليه و سلم يرى أن يتحصن المسلمون بالمدينة و لا يخرجوا لقتال جيش المشركين ، و لكن مجموع الصحابة رأوا  أن يخرجوا لقتال المشركين ، و نزل الرسول صلى الله عليه و سلم على رأى أصحابه رغم مخالفته لرأيه لأن الشورى ملزمة.
و فى غزوة بدر نزل الرسول صلى الله عليه و سلم على رأى الحباب بن منذر فى اختيار مكان تمركز الجيش ، ليتمركزوا عند آخر الآبار و يحرموا جيش المشركين من الماء ، 
و كان هذا بعد أن سأله الحباب سؤالا يدل على فهم عميق و تسليم : أوحى أوحاه الله إليك ؟ أم هو الرأى و الحرب و المكيدة؟
و سار على نهجه خليفته أبو بكر الصديق رضى الله عنه ، صاحبه الهجرة ، و المبشر بالجنة ، فقال فى خطبة الخلافة ( و تعادل الإعلان الدستورى لحكمه فى عصرنا) :
"أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
فلا يزعم زاعم أن الإسلام عرف فى تاريخه دولة دينية تحكم بالحق الإلهى فى الحكم كالتى فصلنا حالها فى المقالات السابقة. 
و إذا كانت الدولة الدينية لم توجد فى الإسلام فى أى وقت كما أوضحنا ، و بالتالى فظهور مضادها و الحل لها و هو المذهب الدنيوى لا محل له من الإعراب فى بلادنا المسلمة كذلك.
يذكر الدكتور محمد عمارة (الحاصل على درجة الدكتوراه فى الإسلام و أصول الحكم) فى أحد كتبه أن المذهب الدنيوى (العلمانية فى المصطلح الشائع) هى استيراد حل غربى لمشكلة غربية غير موجودة بالكلية فى مجتمعنا و لا فى تراثنا.
تخيل معى أخى و أختى الكريمة أن هناك مصريا قرر القيام بحملة لحماية حيوان الباندا ا فى مصر و تجريم قتل الباندا فى مصر ، توفير محميات للباندا فى مصر !!
(طبعا يعرف الجميع أن الباندا حيوان ثدييى مهدد بالانقراض يعيش فقط فى الصين) ، هذا بالضبط حال من يرى أن المذهب الدنيوى هو حل لمشاكلنا و هو الخلاص لنا.

أما عن المذهب الدنيوى ، فمدرسته الشاملة مضادة لأى دين ، فلا يتقبلها الإسلام.
أما المدرسة الجزئية التى فصلنا ذكرها فى المقال السابق فهى تنشأ على مبدأ ان الله عز و جل خلق الأرض و ترك تدبيرها للبشر كما قالوا ، و هذا الأمر يناقض المبدأ الأول من مبادىء التوحيد و هو توحيد الربوبية الذى يقضى بأن الله عز و جل هو رب كل شيىء الخالق المالك المدبر " ألا له الخلق و الأمر فتبارك الله رب العالمين (سورة الأعراف 54).

يعود بعض المفكرين بالمذهب الدنيوى إلى فلسفة ابن رشد ، محاولة لتأصيل وجود أصل تاريخى للمذهب الدنيوى فى التراث الإسلامى ، و الرد على ذلك أسهل مما يمكن ، فابن رشد كان قاضيا فى عصره (و القاضى فى عصره كان رأس الفقه) !
و كل ما قيل عن علاقته بهذا الأمر ناتج عن اضطلاعه بترجمة فلسفة أرسطو.

حتى الآن نحن فسرنا ما هو مطروح من فلسفات و مدارس سياسية ، ترى ما هو الطرح الإسلامى لقضية الحكم ؟
ما هو مفهوم الدولة فى الإسلام ؟ و ما هو نظامها ؟ 

يتابع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق