Powered By Blogger

الثلاثاء، 16 أغسطس 2011

حول المحاكمات العسكرية

كثر الجدال حول المحاكمات العسكرية فى بر مصر ، و رأينا أن نشارك بعدة معلومات فى الجدل الدائر ، معلومات غالبا ما يعرفها الجميع و لكنها غير متداولة بكثرة.
نظام القضاء العسكرى كما فى كل نظام قضائى يتكون من أفراد تنفذه ، و قانون عسكرى ، و نظام للتقاضى و إجراءاته.
(أيه الذكاء و النباهة اللى أنا فيها دى ، ما علينا ، كبر دماغك و كمل).
أما عن أفراد القضاء العسكرى من قضاة و غيرهم فهم من خريجى جامعات الحقوق المصرية ، مثل كل المحامين و القضاة فى مصر ، و يلتحقون بأكاديمية الضباط المتخصصين لمدة 9 شهور و يلتحقون بالقضاء العسكرى.
و بالتالى فليس فيهم ميزة نسبية تجعل إحالة القضايا لهم مفيدة.
أما عن القانون العسكرى فلك أن تعلم أنه ليس قانونا كاملا ، و لا يتضمن إلا العقوبات و الإثابات المتعلقة بالنشاط العسكرى ، مثل عدم إطاعة الأوامر العسكرية ، إفشاء أسرار عسكرية ، مخالفة السلوك و العرف العسكرى.
و يتضمن أول ما يتضمن أن من يخضع للقانون العسكرى هو كل من يرتدى الزى العسكرى سواءا كان ضابطا أو مجندا ، فى وقت الخدمة أو فى أجازة.
و لكن ماذا لو ارتكب خاضع للقانون العسكرى جريمة غير عسكرية ؟ مثلا تعاطى مواد مخدرة ؟ كيف نحاسبه ؟
بما أن القانون العسكرى لا يتضمن مواد تغطى هذه العقوبات ، ينص القانون العسكرى على معاملته بالمواد الجنائية فى القانون المدنى عن طريق قاضيه العسكرى ، الذى هو قاضيه الطبيعى.
أى أن القانون العسكرى ليس فيه ميزة نسبية تجعل إحالة بعض المتهمين له توفر العدل مثلا ، أو يخضعه لقانون أكثر تشددا ، أو أكثر عدلا.
إذا بقى لنا إجراءات التقاضى و طرقه :
بينما يشمل القضاء العادى ثلاث درجات للتقاضى و هى الابتدائى و النقض و الاستئناف ، و كل منهم مستقلة بذاتها و تدرس القضية بطريقة شبه جديدة فى كل مرة ، مع إمكانية الدفاع و الطعن و تقديم الدفوع و غير ذلك من الطرق القانونية.
فإن القضاء العسكرى هو خطوة واحد فقط ، لا استئناف فيه و لا نقض ، و لا تراجع عن أحكامه إلا بقرار من القائد الأعلى للقوات المسلحة الذى يمكنه تعديل العقوبات ، و شبيه ذلك فى القانون المدنى حق رئيس الجمهورية فى الدستور السابق أن يعدل أو يسقط بعض العقوبات الجنائية.
و السرعة فى التقاضى داخل القضاء العسكرى لها ما يبررها ، فالحسم و الشدة هى أساس الجندية ، و الجرائم التى تحدث غالبا ما تحدث  فى وضوح و دون لبس ، فمثلا لو رفض جندى إطاعة الأمر الصادر له ، فمهما كانت نياته حسنة فهذا الأمر يحدث علنا ، و لو لم يحاسب و يؤخذ على يده لصارت وحدته ناديا اجتماعيا !!
مما سبق يتضح لنا أن إحالة المدنيين إلى القضاء العسكرى ليس الهدف منه الاستفادة من خبرات خاصة لرجال القضاء العسكرى ، و لا مواد خاصة بالقانون العسكرى تضمن حزما أو عدلا ، بل السبب المنطقى الواضح هو كون أحكامه سريعة و نهائية.
و لما كانت القاعدة الشرعية فى القضاء تقول "لأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة"
و هذه العبارة مذكورة فى حديث ضعيف للرسول صلى الله عليه و سلم بنصها.
قال ابن حجر : وَرَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ فِي كِتَابِ الإِيصَالِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ . وَفِي ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ عُمَرَ : لأَنْ أُخْطِئَ فِي الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ ، أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُقَيِّمَهَا بِالشُّبُهَاتِ " 
و لكن الحديث ضعيف ، و إن كان معناه صحيح ، و معمول به فى الفقه الإسلامى.
(طبعا ذكر حديث ليس محاولة لركوب الثورة ، بل حتى الآن الشريعة الإسلامية هى المصدر الأساسى التشريع ).
يتضح من كل ما سبق أن إحالة المدنيين للقضاء العسكرى ، و هم من لا يخضعون له أساسا طبقا لنصوصه ، لا يستفاد منه إلا التسريع الهائل للمحاكمة ، مع تقليل فرص المتهم فى الدفاع عن نفسه (لأنها درجة محاكمة واحدة).
و ابتدع هذه البدعة الرئيس المخلوع ، حيث بدأ إحالة كل معارضيه من الإسلاميين خصوصا إلى هذه المحاكمات للحصول على أحكام سريعة و قاطعة دون وجع دماغ !
و يناله إن شاء الله من وزر كل من يحال لمحاكمة عسكرية و يظلم نصيبه من الوزر جزاء ما ابتدع من بدعة سيئة.
لا يجوز لنا و نحن فى عهد بناء أن نتمسك بأوزار الماضى.
أحد عشر ألف حكم عسكرى غير قابل للنقض فى حوالى 6 شهور ، هو رقم مهول و صادم.
و لو كان فيهم مظلوما واحدا لكفت دعوته لسقوط الدولة بأسرها.
و الأدهى من ذلك و تدليلا على فشل هذه السياسة أن الوضع الأمنى و ما يسمونه البلطجة لم تتأثر مطلقا ب 11.000 حكم ، و ما زال الانفلات الأمنى ينمو و ينتشر.
يا رب سلم. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق