Powered By Blogger

الجمعة، 22 أكتوبر 2010

رجل و مبدأ "أنس بن النضر" رضى الله عنه

يقال أن كمال خلق الرجل فى التزامه بكلمته و ثباته على مبدئه فى أحلك الظروف ، و صبره على ما يلقاه فى سبيل الحفاظ على هذا الثبات.
من أجمل المواقف التى أثرت بى و ما زالت تحمل نفس التأثير كلما تذكرتها أو مررت عليها فى قراءة ، موقف سيدنا أنس بن النضر فى غزوة أحد.
هو من الأنصار ، عم سيدنا أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه و سلم.
غاب عن غزوة بدر و ندم لذلك أشد الندم (غزوة بدر لم تبدأ كغزوة ، بل خرجوا لاعتراض قافلة قريش فحدثت الغزوة لخروج الكفار إليهم و بالتالى تخلف صحاب عنها ليس توليا و لا جبنا).
فقال للنبي (صلى الله عليه وسلم): "يا رسول الله، غبت عن قتال بدر، غبت عن أول قتال قاتلتَ المشركين، لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين اللهُ ما أصنع"
فلما جاءت غزوة أحد و حدث فيها ما حدث ، من انكسار للمسلمين ، و إشاعة قتل رسول الله صلى الله عليه و سلم ، انخذل بعض المسلمين و قعدوا عن القتال حزنا و هما.
فقال :" ان كان رسول الله قد مات, فقوموا وقاتلوا على ما مات عليه رسول الله".
فانطلق يشق صفوف المشركين قائلاً: "اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء (يعنى أصحابه) وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء (يعنى المشركين)"،
ثم تقدم شاهرًا سيفه، فاستقبله سعد بن معاذ
فقال: " يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد.
وأخذ يقاتل ويضرب بسيفه يمينًا وشمالاً، حتى سقط شهيدًا على أرض المعركة،
وبعد انتهاء القتال حكى سعد بن معاذ للنبي (صلى الله عليه وسلم) ما صنعه أنس بن النضر، وقال:"فما استطعت يا رسول الله ما صنع".
وقام الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه ليتفقدوا شهداء أحد، ويتعرفوا عليهم، فوجدوا أنس بن النضر وبه بضعة وثمانون جرحًا ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم، وقد مثل به المشركون فلم يعرفه أحد إلا أخته الربيع بنت النضر
بعلامة في أصابعه.
وروى أن هذه الآية الكريمة {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب: 23] نزلت في أنس بن النضر ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم
الشاهد ليس فقط شجاعته المطلقة ، بل شجاعته فى هذه الظروف دولة الإسلام الناشئة من ثلاث سنوات فقط ( غزوة أحد حدثت فى العام الثالث) ، و رسول الله قائد الدولة و رمزها ، و مصدر الوحى قد قتل على ما قالوا ، و قعد الناس و انهزموا فعلا ، و لكن هذا الرجل ضرب مثلا من أروع أمثلة الثبات على المبدأ ، أدرك أنه يحارب لله وحده ، لا لنصر أو هزيمة ، و لا لفرد مهما علا شأنه بل لله وحده ، و مضى يقاتل المشركين وحده و صنع بهم من النكاية ما جعلهم يمثلون بجثته بعد موته ، و كأنهم لم يقدروا عليه حيا فنفثوا عن غيظهم منه بعد موته.
و علامة صدقه و قبوله أن أنزل الله عز و جل قرآنا يتلى إلى يوم الدين يمدح فيه صنيعه.
اللهم ارزقنا العلم و العمل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق