Powered By Blogger

الخميس، 29 سبتمبر 2011

انسان

لمحته جالسا فى طرف المقهى الهادىء ، يشرب كوبا من الشاى الثقيل.
لم أشاهده من قبل و لكن تبدو من هيئته رقة الحال ، ملابس شبه بالية ، يغلب عليها اللون الترابى (و هو غالبا ليس لونها الأصلى) ، أصابع اليد متسخة الأطراف كالعهد بأهل الحرف اليدوية ، مع ضخامة فى فى الكف و الأصابع تكاد تقسم بأن صاحبها حرفى.
لاحظت فى يده " قرصة " ، يأخذ منها قضمة من حين لآخر بين رشفات الشاى ، لاحظت أنه يقضمها فى حرص ، و يستمتع بكل قضمة ، استمتاعا لا يعرفه سوى الجائع.
اقتربت منه قطة من القطط الضالة ، و هى كثيرة التواجد فى هذا المقهى ، و تمسحت بأقدامه كما تفعل كل القطط ، الغريب كان فى رد فعله ، أخذ يربت على رأس القطة باهتمام و فى عينيه نظرة فرح و حنان.
و أخذ يقطع قطعا صغيرة من "القرصة" و يطعمها للقطة.
مشهد أثر فىّ تأثيرا بالغا.
تذكرت موعدا ، انصرفت مسرعا لسيارتى ، أغلقت كل النوافذ ، و ضغطت زر التكييف لينساب الهواء باردا و منعشا (مع أن الجو لم يكن حارا للحقيقة).
انساب صوت موسيقاى المفضلة من السماعات المتعددة بصورة مجسمة و ممتعة.
فى أحدى الإشارات اقترب من السيارة صبى رث الثياب و أخذ ينقر على الزجاج بإلحاح لأشترى منه مناديل ، بينما أخذ آخر يمسح زجاج السيارة و مقدمتها بطريقة فيها من الاستعراض أكثر مما فيها من التنظيف.
فتحت جزءا من النافذة و أخرجت رأسى سابّا كلا منهم بألفاظ تليق بهم :
هتخربش العربية يا بن ......... ، شوفوا شغلانة تشتغلوها يا ولاد .....
و عدت لداخل السيارة بعدما فروا مذعورين ، منهم لله ضيعوا على شوية وقت فى التكييف.
انتهت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق