إصلاح نظام الأجور ، من أهم مطالب كل الناس فى مصر قاطبة.
تكلم الجميع و أفاضوا حول تحديد حد أدنى ، و هو أمر جميل و موجود فى العالم بأسره ، و تكلموا عن ضرورة تحديد نسبة بين الحد الأدنى و الحد الأقصى داخل نفس الجهة ، و هو أمر جيد أيضا و مفيد لكل الناس.
و تكلموا عن مساواة الفئات المختلفة داخل الدولة ، فليس من المنطقى أن يكون موظف وزارة الكهرباء مثلا دخله ثلاثة أضعاف زميله المعين فى وزارة التعليم.
و رأيت إغفالا لعامل آخر مهم و هو القوة الشرائية للنقود عموما.
يطالب الناس برفع الأجور ، لتفشى الغلاء و ضعف القوة الشرائية للنقود ، فتزيد مصروفاتهم عن عائدهم.
و أزعم أن الطرف الآخر لمعادلة إصلاح الأجور هو تحسين القوة الشرائية ، و لن أتكلم عن التسعير الجبرى و التحكم بالأسعار.
بل سأتكلم عن إصلاح التعليم و النظام الصحى.
جل المصروفات الزائدة فى مصر هى للتعليم و للدروس الخصوصية تحديدا ، و كذلك للعلاج لدعم منظومة العمل الصحى المتهالكة بمصر.
فلو فرضنا جدلا أن هناك بمصر نهضة تعليمية حقيقية ، و ليس مجرد دهان لواجهات المدارس كما كان يحدث سابقا.
نموذج تعليمى قوى يبدا بداهة من سوق العمل ، ينمى مهارات النقد و التفكير و الابتكار و ليس فقط الحفظ.
نموذج تعليمى حقيقى و ليس كما نراه الآن.
فاتورة الدروس الخصوصية بمصر فى العام الواحد 12 مليار جنيه فقط !
وجود نظام تأمين صحى حقيقى ، يوفر رعاية صحية حقيقية ، تأمين فى حال المرض ، حتى لا تكون الصحة للأغنياء و العلاج للقادرين.
إصلاح الأجور رادع للفساد ، فليس كل الناس مفسدين بالفطرة ، و إن كان هذا حال البعض ، فهو حال الأقلية.
و لكن كون مرتبك 150 جنيه ، و مصروفاتك فى الحد الأدنى 1500 جنيه ،هذا يعنى أنك لابد أن تفسد بصورة أو بأخرى لكى تعيش ، و بهذا صار الفساد ضرورة للحياة !
و يجب تغيير هذا الوضع ، ليصير الفساد مجرد احتمال أو رغبة يسعى لها الفساد ،
و بهذا تسهل علينا محاربة الفساد و محاصرته ، نقضى عليه فى ركن واحد يضم الفاسدين ، محبى الفساد و محترفيه و ليس المضطرين.
الفساد فى مصر تكلفته فلكية ، راجع الرابط التالى و هو خبر استجواب للنائب محسن راضى و الذى يقول فيه أن الفساد تكلفته 51 مليار جنيه !
الأمر ليس مجرد رفع للرواتب ، بل يجب تحديث التعليم و الصحة أولا ، لأن تحسينهما و جعلهما على مستوى عالى ، و مجانية حقيقية هو فى حد ذاته رفع للأجور !
و هو أمر مشاهد فى شركات القطاع الخاص التى تعرض على العاملين بها حزمة تأمين صحة مع المرتب ، و يقبل العامل و الموظف مرتب معتدل أقل من نظيره و مثيله مقابل خدمة التأمين الصحى.
و قد يقبل بمرتب أقل مقابل تأمين صحى يشمل عائلته.
لو افترضنا أنه بمعجزة ما تحسنت الصحة و خدماتها فى مصر و صارت مثلا فى مستوى التأمين الصحى البريطانى ، و صار التعليم على مستوى التعليم اليابانى.
عند هذا التحسن سيكون رفع الأجور 35 % إبداع، لأن أى رفع للأجور دون النظر لتحسين الخدمات و قيمة النقد ، هو صب للنقود من خزانة الدولة إلى جيوب أصحاب بيزنس التعليم و الصحة ، دون أى فائدة حقيقية على المواطن المطحون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق