إهداء خاص لصديقى القديم د. محمد سيد حسن
الثورة تواجه مشكلات ، و لذا وجب على كل من ظن أنه يعرف حرفا يفيد أن يتكلم ، فرضا لا تفضلا.
المنهج الذى نتبعه فى طرح المشكلات و طرح الحلول يقوم على المبادىء الشائعة فى حلول المشكلات التجارية :
- التحليل لما هو واضح و قائم بالفعل.
- لا حكم على النوايا.
- لا افتراض ضمنى لوجود بديهيات.
- الحلول التى تعرض تكون حلول فعلية قابلة للتطبيق ، قابلة للقياس ، و ليس تكهنات نظرية.
- الحلول التى تعرض تكون بشرية ، يمعنى أننى لا أتقمص دور الأله و أفرض حلول قدرية أو أبحث عن حلول خارج نطاق قدرتى البشرية.
حول المجلس العسكرى :
المجلس العسكرى بصفته المنوط بإدارة شئون البلاد مؤقتا ، هو محط الأنظار ، موضع الآمال و التطلعات ، الترقب أو الخوف.
و تتباين المواقف من المجلس طبقا لاتجاهات اصحابها : من فصيل يرى المجلس خائن للثورة ، و أكبر أعدائها ، إلى فصيل على الطرف المناقض يتمنى بقاء المجلس فى الحكم لأنه يرى فى هذا مصلحة له أو للوطن.
و أرى أن كلا الطرفين يتعجل فى موضع التأنى فيه فريضة ، ما صدر من المجلس العسكرى حتى الآن ، ما زال يحمل نفس اللمسة المميزة لآدائه من بدء إدارته لشئون البلاد فى 11 فبراير ، ألا و هو الرسائل المشوشة المترددة.
بعض من الرسائل كقانون الانتخابات و الاستفتاء ثم الإعلان الدستورى الموسع ،
و الحفاظ على نسبة العمال و الفلاحين تشى بأنه ليس مخلصا للثورة كما يزعم ، بل هو يتلاعب لتثبيت أقدامه فى الحكم ، أو لإعادة إنتاج النظام السابق.
بينما يرى الآخرون المطالبين بالثقة بالمجلس لأقصى درجة أنه ساند الثورة منذ البداية ، و هو مؤسسة مستقرة ، يطمئن لها الوطن ، و يضمن "الاستقرار".
و أنا أرى أن الرسائل المختلطة المعنى المترددة ، التى تصدر من المجلس لا تعنى سوى تذبذب فى المواقف داخله ، سواءا لضغوط خارجية ، أو تضارب فى الرؤى و المواقف و النوايا.
إذا ماذا نفعل ؟
أن نحاسب المجلس على كلامه المعلن الذى لم يختلف حتى الآن : أنه يدير البلاد بصورة مؤقتة حتى يسلمها لسلطة وطنية منتخبة.
نلزمه بهذا و نكثف ضغوطنا فى هذا الاتجاه.
كل الضغط الذى يصب فى غير اتجاه نقل السلطة هو ضغط ضائع و خطير ، ضائع لأنه غالبا دون جدوى أو يأتى بتكاليف باهظة ، و خطير لأنه يطيل بقائهم فى الحكم
و يزيد من تغلغلهم فى الحياة المدنية و السلطة ، و هى فتنة و إغراء كبير لمن يعلم.
لذا فمشكلتنا مع المجلس حاليا : جدول نقل السلطة ، قانون الانتخاب ، توزيع الدوائر الانتخابية ، تفعيل قانون الغدر و غيرها من الأمور المتصلة.
مشكلتنا الحقيقية ولن أمل من تكرار نفسى : هى تفرقنا كل فى خندقه.
يجب علينا أن نعد وثيقة موحدة بمطالبنا التى لا خلاف عليها بين القوى الموجودة على الساحة بأجمعها أو أغلبيتها الكاسحة على الأقل ، و تقديمها بصفتها مطلب شعب كامل للمجلس ، وقتها لن نحتاج لمليونيات و لا اعتصامات ، لأن حيلة فرق تسد لن تنجح.
ضغط إعلامى مكثف من خلال المنابر المتوفرة للثوار فى الاتجاه الصحيح ، سوف يفعل المعجزات.
يراجع المزيد من التفاصيل فى مقال : معا نحمى الثورة رابط للمقال
بخصوص موازين القوة التى يحكى الكل عنها ، أقول بملء الفم ، لم ينتصر جيش على شعب فى تاريخ العالم ، الشعوب هى التى تنتصر إذا صدقت عزيمتها.
- المشكلة الأمنية فى مصر سأخصص لها مقالا مستقلا لأهميتها.
بخصوص إعادة إنتاج النظام السابق من خلال انتخابات مسلوقة كما يخاف البعض ، فهذا لن يحدث ، لأكثر من سبب :
- الشعب رغم أنف النخبة ، واع و مدرك ، و لا زلت أذكر ذلك الرجل المتقدم فى العمر الذى قابلته فى أحد اللجان الانتخابية فى انتخابات 2005 ، وسط معارك الإعادة الدموية ، و هو يخبرنى فى همس ضاحكا : خدت فلوس بتوع الوطنى و دخلت انتخبت بتوع الأخوان من ورا الموظف.
قد يبيع الشعب صوته فيما مضى لقناعته بأنه لا فائدة منه ، فيفضل مكسبا حقيقيا على مكسب شرفى رمزى ، و هذه لعمرى حنكة سياسية !
و لكنا شاهدنا فى الاستفتاء مشاركة قياسية تشكل علامة فارقة فى تاريخ الوطن ، من شارك فى الاستفتاء لأى سبب - حتى لا نخوض حوار الحشد و غيره- سيشارك مرة أخرى ، و لن يقبل بأن يسرق صوته أو يهدر حقه ، من أحس بطعم الحرية يدمنه !
و من كان ينجح لعصبيته ، كما فى كبار عائلات الصعيد مثلا ، سوف يظل ينجح ،
و لكن هؤلاء أغلبهم ليسوا فاسدين بالطبيعة ، و لم ينضموا سابقا للحزب الوطنى لأنه يحمل فكرا و عقيدة ، بل على مبدأ (و عذرا فى التعبير)
اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى !
يتابع ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق