أخرجت صورة حبيبها من حقيبتها ، عاطفية هى - رغم أنها محررة حوادث - ، أخذت تتملى فى ملامح وجهه الوسيم ، لم تمهلها ظروف العمل و سرعة الحياة ، جاء إليها أحدهم بمظروف و قال :
- هذا المظروف من وزارة الداخلية ، به صور الإرهابيين الذين قاموا بالحادث الإرهابى البشع ، و تقرير الوزارة عن الحادث ، عليك فقط صياغة الخبر.. الآن.
فتحت المظروف ، و تأملت صور الأفراد الإرهابيين ، لا تدل صورهم على شيىء زائد عنا ، مجرد بشر ضلوا طريقهم ، و لكن ضلوا بما يزيد عن الحد.
تركت الصور و عادت لما كانت تتأمل فيه من صورة حبيبها حين فاجأتها زميلتها المتطفلة :
- صورة من هذه ؟ أتحبين دون أن تخبرينى ؟ يا لك ....
احمرّ وجهها و ردت بسرعة تحسد عليها : أحب من ؟ إنها أحدى صور الإرهابيين.
تخلصت من الموقف بذكاء ، و لكن خجلها و إخفائها للحقيقة مثير للدهشة ، أليس حبا طاهرا بريئا ؟ و قد ورد فى الأثر " الأثم ما حاك فى صدرك و كرهت أن يطلع عليه الناس"
المهم ، انتهى الموقف بسلام -حتى الآن- ، صاغت الخبر ، ......
فى اليوم التالى تبحث عن صورة حبيبها ، لا تجدها ، قلبت حقيبتها رأسا على عقب ، لا أثر.
فوجئت به يضيىء الجريدة وسط صور الإرهابيين ، جن جنونها ، أسرعت بالاتصال بالجريدة : هناك خطأ ، هناك صورة خاطئة بالخبر.
ضاع كلامها وسط الضجيج : كيف نكذب وزارة الداخلية و نصدقك ؟!
فى مقر عمل حبيبها الذى أعطاها صورته و حصل منها على صورة لها ، يدخل عمله و يلقى تحية الصباح ، يفاجأ بوجوم غريب من الجميع ، انقلب الهدوء لتأمل حذر ، و بينما هو يفكر فى سبب التغير ، فوجىء بضربة قوية على رأسه ، و العديد من زملائه يهاجمونه من خلفه و الباقى من أمامه و انهالوا عليه ضربا :
- أيها الإرهابى القذر كيف ترتكب هذه الأعمال البشعة .. ؟
- ما ارتكبت شيئا ، أننى معكم كل يوم ، و هؤلاء الأرهابيون على ما أعلم يختبئون بالشهور فى الجبال ، فكيف أكون منهم.
- لعل لك يدا فى حوادث تفجير الأتوبيسات و تفجير المقاهى و قتل الأبرياء.
- لم أفجر شيئا بل كنت أصحبكم كل يوم بالأتوبيس ، و أقضى ليلى متنطعا على المقاهى مثلكم.
لكمة قوية تلاها صوت :
- أيها الإرهابى المخادع، الحمد لله الذى نجانا من شرك ، و كفانا مئونة أعمالك.
- أيها الإرهابى المخادع، الحمد لله الذى نجانا من شرك ، و كفانا مئونة أعمالك.
- الحمد لله أنك لم تفجر المصلحة بنا !
و استمر هذا الحوار الضارب حتى مات.
صحيح أن الشعب أثبت عداءه للإرهاب و جديته فى محاربته ، و لكن ...
هل تظن أن المحررة كانت سعيدة بتأثير الإعلام القيادى ؟
انتهت
مارس 1997
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق