Powered By Blogger

الاثنين، 10 أكتوبر 2011

أحداث ماسبيرو بين القهوة و الفيسبوك

هذا الكلام له قصة ، لأول مرة أتلقى الأخبار مثل كل الناس فى الشارع ( تقريبا من 7.30 -1 فى الشارع) ، دون وجود مصدر لأنترنت لأتأكد و أتثبت و أدقق.

بدأ الأمر بينما كنت متجها لميعاد ما ، و اتصل بى من يفترض أن أقابله يطلب تأجيل الموعد لأنه سمع أن هناك "قلق" فى البلد بسبب مظاهرات عاملينها أخواننا الأقباط حسبما قال لى.

لم أهتم للحقيقة فالناس كثيرو الكلام كالعادة.

ثم كلمنى بعدها بنصف ساعة طالبا تأجيل الموعد لأن البلد فى حالة أمنية سيئة !

أخبرته أننى بالفعل فى مكان المقابلة ، حاليا أشرب القهوة ، و ليس هناك شيىء غير معتاد إلا عدم وجوده.

تشجع الرجل و حضر للميعاد.

وقتها تلقيت عدة مكالمات تستفسر حول مواعيد الغد ، هل هى سارية أم لا فى ظل الظروف الأمنية !!

طبعا كونى أشرب قهوة فى الشارع مساءا يشى بجهلى " بمدى خطورة الوضع " !!
حوّل عامل القهوة التلفزيون لقناة النيل الأخبارية ثم لقناة الحياة بعدها ، غالبا تلبية لطلب عميل ما ، فهذا ليس من طباعهم.

و هالنى ما رأيت ، شريط الأخبار يقول نقلا عن النيل للأخبار ، أن المتظاهرين الأقباط فتحوا النار على الجيش !

و هناك 3 شهداء و 19 جريح بين الجنود !

طبعا شعرت بالتعجب ( مشيها التعجب عشان الرقابة ! ) ، و قلت لرفيقى :

المتظاهرين هاجموا ماسبيرو ؟!! ها ها ها.

سألنى : و ما وجه العجب ؟

أخبرته بأن ماسبيرو تعتبر المكان الأكثر حصانة فى مصر حاليا بعد وزارة الدفاع ،
 و أنها قبل الثورة و وقت الاستقرار السابق كان يحميها مدرعتان بالفعل ، و ربما لهذا علاقة بكونها قريبة من وزارة الخارجية ، أو لكونها أمل كل أنقلاب ، كما حرص الضباط الأحرار على احتلالها أولا لإذاعة بيانهم الأول ،
 بيقى دلوقتى فيها كام مدرعة ؟؟

رد : عادى ، المتظاهرين ضربوا الجيش بالنار ، يعنى التلفزيون هيكدب ؟

ذكرت له ما جرى خلال الثورة من محاولات متكررة لاقتحام ماسبيرو من الثوار
و عددهم كان بالملايين ، و فشل هذه المحاولات كلها.

و سألته ساخرا :
لما كان المتظاهرين بهذه الجرأة بحيث يفتحوا النار على الجيش ، لم لم يحتلوا ماسبيرو
و يعلنوا قيام جمهوريتهم و انقلابهم بالمرة !!


طبعا فكرة قيام متظاهرين بفتح النار على الجيش فكرة تبدو حمقاء
و "وسعت منهم شوية " ، لأنه حتى معتادى الإجرام و التشكيلات العصابية لا يجرؤون على مبادرة الجيش بفتح النار لإدراكهم لفارق التسليح و الكفاءة القتالية و التجهيزات.

و تذكرت على الفور موسم الاعتداء على الكنائس و حوادث الفتنة الطائفية وقت تجديد قانون الطوارىء دوما.
( يذكرنى بحرائق المخازن الدورية وقت الجرد السنوى ، مصر بلد منظمة حتى أن الماس الكهربائى و أعقاب السجائر و المختلين لهم مواسم و مواعيد !! ، ما علينا ).


سألنى : يعنى مين اللى عملها ؟

قلت له : انتظر للغد و انظر ماذا سيحدث عندها ستجده يخبر عن نفسه.
لو كان الناتج مد الطوارىء أو إعادة إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية ، فالأصابع تتجه للجيش للأسف.
و لو حدث تأجيل للانتخابات ، فالمستفيد الجيش و معه بعض الحمقى و عندها يدينون أنفسهم.
و هكذا ...

عندها انبرت قناة الحياة لتنقل خبرا عن مراسل لها عن وجود اشتباكات بين الأهالى بين العباسية و غمرة ( و هى كما عرفت لاحقا الاشتباكات حول المستشفى القبطى ) و قال أنها اشتباكات وسط غياب أمنى ملحوظ.

و كانت الصورة تبث ما قالت أنه : بث مباشر من عبد المنعم رياض.
مجموعة من الناس واقفين و بعض المارة ، و بعض السيارات ، صورة معبرة !!
و لاحظت و لاحظ صديقى أن الصورة تتكرر لأن السيارات تتكرر بنفس ألوانها و بنفس المعدلات (شاشة 52 بوصة تسهل هذه الملاحظات).

وقتها انضم لى صديقى فى السخرية ، لمّا نقلت القناة ما قالت أنه المتظاهرين الأقباط الذين يقطعون الكورنيش أمام ماسبيرو ، و كانوا للحقيقة حوالى 200 فرد يقفون فى صفين !

و علق صديقى : انا و أخواتى ممكن ننزل نفضهم ، لو الجيش مش قادر !!

و وسط البث الحى كان هناك ميكروباص "يحمّل ركاب" ، يمكن ميكروباص حربى !!




ثم أعلن أنه هناك حظر للتجوال فى وسط البلد من 2-7 (حوالى 11.30 مساءا).
و كان السؤال المضحك : إذا كان الأمر يستدعى فرض حظر التجول ، فلم يفرض بعد حوالى 3 ساعات من إعلانه ؟ ، فرض تجول جزئى على منطقة بها شغب و الأمور خارج السيطرة كما يقولون ، لم نترك 3 ساعات فرصة للفوضى ؟


و بعد إعلان حظر التجول بدأ المصرين يتطوعون - كالعادة - فمن معلن أن ميدان الجيزة أغلق هو الآخر لوقوع اشتباكات فيه كما أخبره أخوه ، مشيرا للمحمول بيده.

و مازح أحد العمال عاملا مسيحيا جديدا ( أنا أعرف أغلب العاملين بالمكان و هو وجه جديد) ، بأنه "وش فقر " من ساعة ما جه والبلد فى النازل و الشغل زى الزفت ، 
و دلوقتى كمان البلد بتولع بسبب أخواته !!

ثم اتصل بصديقى أخوه ليسأله كيف يتأخر كل هذا الوقت و هناك حظر تجول ؟؟ (الساعة حوالى 12.10).

و قالت القناة أن هناك استنفار أمنى غير مسبوق بالقاهرة !! ، مع أنى كنت على نفس القهوة طول الليل و الدنيا كالعادة.

طبعا لم يخل الأمر من مجموعة من الأفذاذ ،
يصدق فيهم قول الكاتب الرائع جلال عامر :
كنت عايز أطلع محلل استراتيجى ، بس أهلى ضغطوا علىّ أكمل تعليمى !

أحد الأفذاذ ربط بين جمعة "عودوا لثكناتكم " و بين ما حدث !!
و الآخر عاب على المليونيات و أسمائها الغريبة " يعنى أيه جمعة استرداد الثورة ، فين جمعة القمح ، و جمعة عجلة الإنتاج ، و جمعة المصريين كلهم ! "
 ( عجلة الإنتاج دى لو بنأجرها بالساعة كانت البلد سبقت اليابان !!).
و تطوع الدكتور كمال الجنزورى " الثورة ما قامتش عشان المواطن يرفع سلاحه فى وجه الجيش " !!
و لم يخل الأمر من كبار السن المحيطين بنا و تعليقاتهم حول البلد اللى حالها باظ ( مع انهم عاصروا البيضة بقرش كما يقولون و حاليا ب 75 قرش !!).


لما شعر كابتن الصالة ( اسم يطلق على قائد الوردية فى القهوة ) بالتوتر من هذا الكلام
و ملل بعض الناس ، نقل التلفزين لقناة أغانى عجيبة و كانت الأغنية
" عسلية 100 100 " و هكذا انقطع الحوار !




فى الطريق للمنزل : لم يفتنى وجود عدد من الناس تقريبا عند كل قهوة أو ناصية ، متجمعين حول شخص ما يقسم أنه " لسه جاى من هناك " و يروى خرافاته التى أغلبها لا يصدقه عاقل أو حتى مجنون.


و بالقرب من منزلى كان الاعتقاد السائد لدى :

- الدعوة لأى مليونيات قادمة أو فعاليات مماثلة سيواجه برد فعل سيىء أو عنيف من الشارع.
- قد يكون ما يحدث له علاقة باستكمال القضاء على سمعة الثورة نهائيا ، خصوصا
و الانتخابات على الأبواب ، بحيث تفقد ائتلافات الثورة أى فرصة فى الحصول على تأييد.
- طبعا قانون الطوارىء ، تاج رأسنا على رأس القائمة.


كنت كالعادة مرتابا ( و كأننى مريض فصامى مزمن ! ) و لكن غير خائف و لا مرعوب لأسباب عدة ليس هذا مجال ذكرها.


بمجرد دخولى على الفيسبوك ، و كأننى هاجرت بلدا آخر ، الناس شبه مجمعة على نظرية المؤامرة ، و على أن ما حدث مدبر ، و الأغلبية تلوم المجلس لأسباب مختلفة.
كان شيئا مفرحا أن ترى عقلا و حكمة وسط التوتر و بيانات عاقلة و حاسمة و إن لم تكن الأغلبية.

المشكلة أن هذا الكلام فقط على الفيسبوك !!
الشارع دولة تانية خالص.

الثورة تحتاج لمدير تسويق جيد ينتشلها مما صارت إليه ، المنتج الجيد لا يبيع نفسه ،
و الحق لا ينتصر بذاته.





هناك تعليق واحد: