استيقظ قبل الفجر على غير عادته ، توضأ و استغرق فى صلاة خاشعة ، دعا لبلاده على غير عادته أن يرزق أهلها الثبات و أن يرزق حكامها الحكمة ، و أن تنتهى المظاهرات على خير.
قرأ سورة الكهف بعد صلاة الفجر ، لأنه كان فجر الجمعة.
طبعا كان الأنترنت مقطوع و كذلك كافة أنواع الهواتف كما كان يعرف من قبلها فى محاولة لقطع وسائل الاتصال بين المتظاهرين كما ظنوا !
قضى وقته يفكر هل ينزل لهذه المظاهرات أم لا ؟
الهدف جميل ، أن يحسنوا حال البلد الذى لا يسر أحد على الإطلاق ، و لكن هل وجوده هو ضرورى ؟ ألا يحل محله غيره ؟ هل تركيزه فى عمله أهم ؟
ماذا يفعل وقت العنف ؟ هل يخاف و يفر ؟ هو لا يعرف عن نفسه فرارا أو جبنا ، و لكن هذا موقف جديد عليه تماما ، مظاهرات الجامعة كانت مظاهرات آمنة نسبيا ، أكبر ما كان يمكن أن يحدث فيها مجرد كدمة أو كسر على أسوأ الفروض ، و قد تنتهى باعتقال يومين أو ثلاثة.
لام نفسه بشدة لما رأى قبل انقطاع الأنترنت منظر الشاب الذى تصدى بصدره العارى لمدرعة الأمن المركزى ، كان يرى نفسه فى مثل هذا الموقف .
و لكن ماذا لو فر الكل و تركوه وحيدا مواجها لكل القوات وحده !
هو احتمال بعيد و لكنه محتمل ، هو يعرف أنه لو ثبت فلن يفر ، و لكن وقتها سيلقى كل الضرب المقدر لكل هؤلاء المتظاهرين وحده ، ماذا لو خانته شجاعته و فر كأرنب ؟
هل يكون بإقدامه و جرأته محفزا لغيره ؟
لطالما حلم بالحرية و العدل فى بلده ، فلما جاء الحلم عند أطراف أصابعه يشيح بوجهه عنه و يتجاهله ؟
هل لو اغلقنا أعيننا بشدة فى ضوء الشمس الباهر يحل الليل ؟
لمَ يفكر أساسا ؟ هو لا يستطيع أن ينظر لنفسه فى المرآة من يوم 25 يناير ، حيث بدأت المظاهرات دون أن يشارك لأنه كان مشغولا فى عمله و لم يفكر أن يشارك ، و لكن وجود جرحى و قتلى و هو آمن فى بيته أشعره بأنه مجرد أرنب
تسلل لصلاة الجمعة بعد أن نبه عليه والديه كل على حدة بنبرات مختلفة بين الشدة و التضرع الا يسوئهم فى أواخر أيامهم بمقتله فى مظاهرة أو مثلها و هو ابنهم الكبير ، ابتسم و قال لهم:
انتوا برضه تعرفوا أنا بتاع مظاهرات و كلام فارغ من ده ؟ هاصلى و اروح أشوف شغلى !
قضى فى هذا اليوم يوما من أجمل أيام حياته ، يوما من تلك الأيام التى تنفصل فيها الروح عن الجسد و تسوده ، لم يفكر فى جوع أو عطش ، أو رغبة دنيوية ، كانت روحه كالشعلة تقود جسده للسمو.
و عاد آمنا لبيته رغم كل الأحداث.
القصة مهداة لأشجع المتظاهرين المصريين صاحبى الصور التالية ، و إن كانت لا ترقى لما قدماه من قدوة و إقدام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق