Powered By Blogger

السبت، 16 يوليو 2011

شهيد و بلطجى

مشهد 1 :
صباح 28 يناير 2011

    خرج من منزله مرددا : بسم الله توكلت على الله لا حول و لا قوة إلا بالله ، اللهم أنى أعوذ بك أن أضل أو اضل ، أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل على.
متوجها للمشاركة فى المظاهرات لليوم الثالث على التوالى ، فهو شارك فى المظاهرات من يوم 25 يناير .
أكثر ما أعجبه كم الرقى و التحضر بين المتظاهرين و حرصهم على سلمية المظاهرات ، لا تحطيم و لا تكسير ، حتى الهتافات راقية و واعية.
حمد الله أنه رأى هذا الرقى فى بلده الذى فكر كثيرا أن يهاجر منه لبلد أكثر تحضرا ، 
و حمد الله أنه تأخر فى قراره.
كانت الأمور مشتعلة عن الأيام التى سبقتها ، عدد المتظاهرين أكثر من الأيام الماضية ، الأمن نسبيا أكثر ، و لكن الرقى ما زال سيد الموقف ، بدأ بعض المتظاهرين فى التساقط تحت تأثير قنابل الغاز ، هرع لمساعدتهم بحكم خبرته فى المظاهرات فى الأيام الماضية و بحكم كونه طبيبا فى الأساس.
لما بدأ بعض المتظاهرين يرد على الحجارة التى تقذفهم بها قوات الأمن المركزى ، أخذ يصرخ مناديا سلمية سلمية و ملوحا بيديه هو و مجموعة من قدامى المتظاهرين.
و لما رفض أحد الوجوه الجديدة الانصياع لطلبه بوقف وابل الحجارة اقترب منه 
و سأله : لو فعلنا ما يفعلون ، ما الفارق بيننا و بينهم ، نحن نطلب التغيير للأفضل.
قرب آخر النهار ، انسحب الأمن من القاهرة كلها ، و سمع وقتها أن قسم الشرطة القريب من منزله يهاجم (سمع فقط لأن الأنترنت و كافة التليفونات كانت معطلة منذ الفجر)
توجه مسرعا لمكان القسم و بالفعل وجد مجموعة من الناس متجمعين عند القسم ، 
و يقذفونه بالحجارة ، و القسم يرد عليهم بالرصاص.
البعض كانوا يزعمون أن الضباط يقتلون المحتجزين ، و البعض يزعم أن هناك متظاهرين بالداخل تحت التعذيب ، و البعض يزعم أن هناك من قتل بعض المتظاهرين منذ قليل و يحتمى بالقسم.
يتصاعد الموقف لحد الجنون بسرعة غريبة .
يقف أمام المتجمعين ، و يشير لهم بالتوقف عما يفعلوه حتى يستوضحوا الأمر ، و دوت الرصاصة.
و صدر التقرير الرسمى :
أثناء هجوم مجموعة من البلطجية و الخارجين على القانون على قسم شرطة .... لقى أحدهم مصرعه بالرصاص ، و لما كانت الرصاصة فى خلف الرأس ، الأمر الذى يقطع بأنه أصيب بواسطة زملائه البلطجية و ليس برصاص الشرطة ، و سبب كون الرصاصة من ذخيرة الداخلية الميرى ،  أنها مما سرق من الأقسام فى ذلك اليوم.
انتهى.


مشهد 2:
صباح 28 يناير 2011

     خرج من بيته بعد الاصطباحة ( لفظ يستعمله المدمنون لجرعة الصباح من المخدر) ، توجه لموقف الميكروباص ليحصل إيراد ميكروباصه ، وجد الإيراد متدنيا للغاية ، سب السائق الذى تعلل بعدم وجود ركاب بسبب المظاهرات.
مر على باقى السائقين ليحصل منهم المعلوم لحمايتهم من رذالات المرور و أغلبهم لم يكن متواجدا أساسا !
أيه اليوم الفاكس ده ، الواحد مكنش صحى و لا نزل من بيته أحسن تمتم لنفسه.
فى طريقه لقسم الشرطة مر بمحل الموبايل القريب من القسم و شحن رصيده مجانا كالعادة ( حد يقدر يطلب من الباشا فلوس).
و عاكس فتاة عابرة بلفظ خارج ، و لما سبته لطمها و قال لها ألفقلك قضية آداب يا روح أمك ، أنت فاكرة نفسك مين ، مضت تتعثر بدموعها.
توجه لعمله فى القسم ، حصّل منه جزءا كبيرا من إيراده و رفع أسعاره فى ذلك اليوم ليعوض من خسائر الميكروباص ، مبررا لنفسه : مش هما اللى عاملين مظاهرات ، يدفعوا بقى !
دخول طعام لمحجوز ، ملابس ، دواء ، كله خير و كله بثوابه ، مع الفارق أن من يثيبه هم أهل المحجوز !
سمع بوجود بعض ممن رحّلهم أمن الدولة للإفراج من محل سكنهم بعض القبض عليهم فى المظاهرات ، فرح : جيتوا برجليكم يا ولاد ......
جمع الخدمة (لفظ يستخدم للعساكر الموجودين بالنوبتجية الحالية) : غرقوا الحبس مية مش عايزهم يقعدوا ولاد ..... ، و مفيش أكل يدخلهم خالص و لو حد سأل عليهم تسألونى أنا الأول قبل ما حد يجاوب.
لم تفته فرصة فى وسط اليوم أن يمر على الحبس و "يقوم بالواجب" مع وارد المظاهرات ، و فعل هذا بحب و إتقان !!
 قرب آخر النهار سمع ضوضاء خارج القسم  ، خرج ليستطلع فوجد جمعا من الناس يصرخون و يهتفون ، جمع الجنود و أمرهم بالاصطفاف حول مدخل القسم بالسلاح من الداخل و إطلاق بعض الأعيرة فى الهواء للتهديد.
زاد هذا التهديد من هياج الجمع بالخارج ، ازداد حنقه
: يعنى بوظتوا اليوم عايزين أيه تانى ؟!
صبر لفترة و لكن الهتاف يتزايد ، و بدأ قذف الحجارة على القسم ، لابد من تلقينهم درسا ، هو الشعب ده مايجيش غير بالسك على قفاه.
نظر من النافذة : هو اللى عامل فيها مايسترو ده و عمال يشاور لهم و يجمعهم اللى عامل الغلبة دى ، و دوت الرصاصة.
فى آخر اليوم قتل المذكور فى المشهد فى اقتحام القسم.
و صدر البيان الرسمى :
فى أثناء أدائه لواجبه الرسمى سقط شهيد الواجب فلان الفلانى و ستقام له اليوم جنازة عسكرية ، و يصرف له المعاش بعد ترقيته رتبتين ترقية استثنائية ، و يسافر والديه للحج على نفقة الداخلية.
انتهى.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق