Powered By Blogger

الأربعاء، 4 مايو 2011

حلم التمنى

جالسا فى مكان لا أعرفه على وجه التحديد ، قد يكون مكان دراسة أو مكان لقاء اجتماعى.
لا أدرى لماذا انا هنا ، و لكن المكان لطيف إضاءته مثالية ، موسيقى الخلفية من مفضلاتى ، الألوان و الظلال كأنها مرسومة بيدى ، مناسبة تماما لذوقى.
جالسا اشرب قهوتى ، مستمتعا بكل رشفة ، فالقهوة بالنسبة لى صديق و ليست مشروب.
سمعت صوتا يهمس خلفى ، صوت مألوف ، تهمس أنا لا أحب الكرة على الإطلاق فقط اشاهدها فقط لأعرف عم يتكلمون و لأجد حوارا مع بعض زملائى.
هذه الجملة المألوفة !
التفتّ خلفى و رأيتها ...
حلم حياتى ، حب عمرى جالسة خلفى ، عرفتها من لمحة ، فكم تأملت فيها طويلا ، 
برغم أنها لا تواجهنى و لكن طريقتها فى دق أطراف المائدة بأصابعها ، أعرف أصابعها بين أصابع العالم ، طريقتها فى الاتكاء على الطاولة أمامها و حرصها الدائم على مسح الطاولة قبل جلوسها رغم أن هذا يبدو غريبا لأول مرة تراها تفعله ، و لكنها تخبرك بطريقتها الودودة الضاحكة :
ما هو لو أنت اللى هتغسل هتعمل اكتر من كده :)
طريقتها فى رشف عصير البرتقال الذى تفضله ، طريقتها فى تحريك يديها و هى تتكلم ، تعبيرات وجهها و هى تستمع لكلامى.
و لو رأيت ابتسامتها ، آه لو رأيت ابتسامتها ، تشعرك بأن العالم قد انتهى و توقف و بدأ من جديد ، و كأنك عدت طفلا تنتظر ابتسامة تربطك بالعالم ، هذه هى الابتسامة.
كيف أقابلها مصادفة بعد كل هذا الوقت الذى مر ، كم مر من وقت ؟
لم يمر أى وقت ، كان فراقنا من لحظة.
سأخبرها عن شوقى لها الذى عبر الحدود ، سأخبرها عن كل أحلام اليقظة و المنام ، سأخبرها عن استحضار طيفها ليشاركنى نجاحاتى ، و استحضار صوتها يواسينى فى جراحاتى.
سأخبرها عن محاولة الانتحار التى حاولتها بعد آخر عملية جراحية أجريتها ، و كيف أننى رغم تأثير المخدر و الألم ، ما منعنى من الانتحار هو الفكرة التى خطرت ببالى وقتها أننى ربما الآن أتنفس هواءا قد زفرته هى من قبل ، هواء مر داخلها و تعطر بمروره بها.
سأخبرها عن محاولات الأصدقاء للتسرية عنى ، و نصائحهم التى لم تفد عن كيفية نسيانها و المضى قدما فى حياتى.
قبل كل ذلك أتأملها ، جميلة كعهدى بها دائما ، أجمل نساء الكون ، بل هى كل نساء الكون ، فكلهن دونها سراب.
ما زالت متأنقة ، تختار الوانها بعناية ، تعكس روحها القلقة الثائرة ، لكم أحببت فيها هذا القلق و التطلع.
نظرت إلىّ و رأتنى غارقا فيها ، نظرتها و كأنما مست قلبى ، هى هى ، نفس النظرة اللامعة البراقة.
و لكن بدلا من أن تعاتبنى بطريقتها المحببة ، او تمازحنى بطريقتنا المعهودة ، أدارت وجهها بسرعة !
هل تتحاشانى ؟ لم يصدر منى ما يدعو لهذا !
كيف أراها بعد كل هذا و لا أكلمها ؟
لابد أن أكلمها ، و لابد ..
قطع حبل أفكارى صوتها :
- ممكن سكر من فضلك ، لأن السكر هنا خلص ؟
هو نفس الصوت ، نفس الرنة الخفيضة المحببة ، صوت الأنثى الطفولى الذى يحوى المداعبة و التمنع و الدلال ، هو نفس الصوت.
هل تعابثنى ؟ عرفتنى و تعابثنى ؟
قدمت لها السكر ، و لكن تعبيرات وجهها حيادية للغاية !
لم تكن يوما ممثلة أو كاذبة جيدة ، هى مثل المحيط تثور بوضوح و تهدأ بوضوح و جمالها لا نهائى.
نظرت لها مرة أخرى ، إنها هى ، كيف يمكن لها ألا تعرفنى ؟ و كيف تتجاهلنى ؟
و لكن حتى فى تجاهلها أحبها ، تبا لهذا الضعف الأبدى !
لابد أن أحادثها لأفهم ، استدرت و سألتها :
- ألم نتقابل مسبقا ؟
- فى الحقيقة لا أذكر ، تبدو مألوفا و لكن لا أذكر السبب !
ليس هذا وقت العبث ، قلتها فى رأسى ، حب سنوات يجعلنى مألوفا فقط ؟!!!!
- أنا أيضا اعتقد أنك تبدين مألوفة ، و لا أذكر السبب !
فلأستعمل نفس سلاحها ، إن كانت تعبث ! و لكن ماذا لو لم تكن تعبث ؟
هل من الممكن أن أخلط حلم عمرى بأخرى ؟
و لكن لم تهدأ الأصوات من حولى حين أفكر ؟ و لم لا توجد حولى حركة ؟ الخلفيات لا تتغير ، و لا يوجد نادل يحضر الطلبات و يتحرك حولى كعادة هذه الأماكن ، كل التفاصيل ذابت عداها !
و هى لا تتذكرنى أصلا !
سعادة بالغة أحسها بمجرد قربى منها ، حتى و إن لم تكن تتذكرنى !
هل هذا حلم ؟ ، هل أنا أحلم ؟ ربما و لكنه حلم سعيد للغاية ، سعادة تفوق الحد ، حلم يدفعك للإبحار فى محيط السعادة أعواما بكل لحظة تقضيها معها.
لا أريد أن أستيقظ من هذا الحلم ، هذا حلم أريد أن أتشبث به قدر ما يمكننى.
دق المنبه مرتفعا باردا و سخيفا أكثر من المعتاد ، أغمضت عينى و لكننى كنت قد أستيقظت 
و.. انتهى .. الحلم.
و لا تسأل بعدها لم أكره الصباح و الاستيقاظ ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق