استيقظ من نومه فى موعده تماما ، كعادته دائما
توضأ و صلى و نظف أسنانه ، خطا خطواته العشرين من السرير للكمبيوتر و فتح الجهاز.
و مشى خطواته الخمس و عشرين من الكمبيوتر للمطبخ ، أشعل الشعلة الكبرى كما هى عادته فى الصباح ( الشعلة الكبيرة تصل بالماء لدرجة الغليان فى ثلاث دقائق ، الشعلة الأصغر تحتاج 6 دقائق و لذا فهو يستعمل الشعلة الأصغر فى المساء فقط )
صب كوب الماء الذى يستعمله دوما و أضاف قهوته ، طالما استعمل الشعلة الكبيرة فهو يدرك بالتحديد أن أمامه 3 دقائق حتى يغلى الماء.
قضى الدقائق الثلاث - كعادته - مسددا لكمات خطافية و مستقيمة لخصم وهمى أمامه ، مستعيدا ذكرياته وقت كان رياضيا بارعا.
مرت الدقائق الثلاث ، صب الماء فى الكوب و قلب الماء بنفس الملعقة ثلاث دورات فى اتجاه عقارب الساعة و ثلاث دورات أخرى ضد اتجاه عقارب الساعة ، ثم دورتان فى اتجاه عقارب الساعة و دورتان ضد اتجاه عقارب الساعة.
حمل كوبه و وضعه بجوار شاشة الكمبيوتر كعادته ، على أقصى اليسار بحيث لا تصطدم يده به عفوا.
شغل موسيقاه المفضلة فى هذا الوقت ، و لهذا تقاليد فهو يستمع للشيىء نفسه مرات عديدة حتى يحسه امتزج بروحه ثم يغيره ، مر بكل المراحل من الكلاسيكيات الأوبرالية القديمة و حتى الإنشاد الدينى ذو الطابع الصوفى ، حاليا يستمع منذ عدة اسابيع إلى الأوبرا الشهيرة كارمينا بورانا Carmina Burana ، يحس أن موسيقاها الثائرة تناسبه ، و تناسب مزاجه الحالى ، غاضبة عنيفة متدفقة بالحياة.
شغل موسيقاه المفضلة فى هذا الوقت ، و لهذا تقاليد فهو يستمع للشيىء نفسه مرات عديدة حتى يحسه امتزج بروحه ثم يغيره ، مر بكل المراحل من الكلاسيكيات الأوبرالية القديمة و حتى الإنشاد الدينى ذو الطابع الصوفى ، حاليا يستمع منذ عدة اسابيع إلى الأوبرا الشهيرة كارمينا بورانا Carmina Burana ، يحس أن موسيقاها الثائرة تناسبه ، و تناسب مزاجه الحالى ، غاضبة عنيفة متدفقة بالحياة.
طالع بريده الألكترونى ، لم يجد ما يثير الاهتمام ، أغلبها رسائل SPAM تروج لمنتجات لا يحتاجها و لم يدرك حتى الآن كيف فكر صانعوها فى أن هناك من يمكن أن يشتريها.
غير ملابسه و حلق ذقنه كعادته قبل الخروج
و تأنق و تعطر كعادته قبل الخروج
ذاهبا للقاء أصدقاء قدامى ، من زملاء الدراسة.
لا يتذكر كم مرّ على آخر لقاء ، و لكنه يتذكر أشكالهم و أسمائهم جميعا ، بل و مواقفهم المشتركة الضاحكة و الحزينة.
يتذكر قصص حبهم التى لم تنجح ، و قصص زيجاتهم التى تلتها ، و يتذكر كل شيىء فهو دوما كان قوى الذاكرة شديد التركيز.
يتذكر أيضا كمّ الزوجات المحتملات التى كان أصدقاؤه يلحون عليه فى مقابلتهم ، و أحيانا يدبرون لقاءات أبعد ما يكون عن الصدفة ، و عزوفه عن هذه اللقاءات لاقتناعه بأنه غير مؤهل بعد لاتخاذ الخطوة.
استقر عمله و الذى كان عملا روتينيا تعتاده بعد فترة و يصير آليا لا مجهود فيه.
هل تأخر اتخاذه للقرار ؟
عمله جيد و صحته جيدة ، صحيح أنها ليست كما كانت وقت مزاولته للرياضة ، و لكنها ما زالت جيدة ، هل يمكنه أن يتخذ الخطوة الآن ؟
كم مضى من عمره فى خطواته المعدودة ، و حياته المحسوبة التفاصيل ، لا يذكر
و لكنه يشعر أن لكماته الواهنة للهواء صارت تؤلم كتفيه بشدة ، ذاكرته لم تعد بالدقة التى كانت عليها ، صار يحتاج وقتا أطول لاستدعاء الأسماء خصوصا تلك التى لا يحتك بها يوميا.
أيقظه من أفكاره صوت شاب يقول له :
أيقظه من أفكاره صوت شاب يقول له :
- اتفضل أقعد يا والدى !
لا يتذكر أنه أنجب هذا الولد ، و لو كان أنجبه فمن البديهى ألا يقابله بالمصادفة فى مترو الأنفاق.
هل حقا مثله يمكن أن يكون والدا لمثل هذا الرجل الثلاثينى الذى يخاطبه ؟
جلس شاكرا ، و رأى انعكاس صورته فى الزجاج ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق