Powered By Blogger

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

بين فرد المؤسسة و مؤسسة الفرد --ضوء خافت للثورة المصرية

يروى أن شركة فورد و مؤسسها الأسطورى هنرى فورد ، صاحب الاكتشافات المتعددة فى مجال تصميم و تصنيع السيارات ظلت الشركة -وهى بالطبع مملوكة له- ، تحقق بعض الأرباح و تسقط و تنافس مرة أخرى و هكذا كأى مشروع ناشىء (وقت البداية كان مشروعا ناشئا تخيل !!)
بعد وفاة هنرى فورد ، تولى رئاسة الشركة عدد من أولاده ، و بدأت الشركة تدخل فى حالة من الانهيار أمام المنافسين رغم مميزاتها ، حتى جاء عام 1981 ، حين نتحى هنرى فورد الثانى ( التنحى دائما نتائجه مفيدة كما سنرى) عن رئاسة الشركة ، و ترك إدارتها لفرد من خارج العائلة ، مجرد مدير محترف يتقاضى مرتبه ، لتبدأ شركة فورد فى النهوض من جديد و تصير من وقتها أحد الشركات الثالثة الكبرى فى مجال السيارات على مستوى العالم ، و حتى الآن.
العبرة من هذه القصة ، أن الإدارة مرت بمرحلتين ، الإدارة العائلية و هى مرحلة يقول الاقتصاديون أنها مرحلة لازمة فى البداية ، و لكن بعد مرحلة معينة من النمو ، خصوصا مع اختلاف الجينات العائلية (فابن فورد هو الذى قلل من ربح و قوة الشركة ، لأن كونه من عائلة فورد لا يعنى بالضرورة كونه عبقريا فى الإدارة أو التصميم مثل سابقيه ).
و فى هذه المرحلة يجب أن تنتقل الأدارة من النظام العائلى الفردى ، إلى النظام المؤسسى ، حبث يقوم بالإدارة محترفين ، و يقوم هؤلاء المحترفين بوضع نظم واضحة و محددة و فعالة (قوانين مثلا ؟ ) لإدارة المؤسسة ، تتضمن نظم للتقييم و الثواب و العقاب و النمو المستمر .
يقول علماء الإدارة أن الفارق الجوهرى بين النظامين ، هو أن النظام الفردى-العائلى يقوم على ظروف استثنائية ، أشخاص لهم مواهب و مميزات خاصة ، وجودهم ضرورى لبدء المشروع و استمراره ، و لكن طبيعة هؤلاء الأشخاص أن وجودهم فلتة نادرة.
و لذا يجب ، يجب مرة أخرى التحول للنظام المؤسسى الذى يمكن أن يحل فيه أى شخص مؤهل بالحد الأدنى مكان نظيره حتى و إن كان أفضل منه ، تتحول المؤسسة من كيان يدور فى فلك فرد واحد تمرض إن مرض ، تنتعش أن انتعش ، و تكتئب إن اكتأب ، إلى ماكينة محكمة ، يمكن استبدال أى ترس منها بترس مشابه دون أن تتوقف.
العبرة من كل هذا الكلام كإسقاط على واقعنا ، أننا كنا نعيش حتى أيام مضت حكم فردى ، تمرض مصر لو مرض الرئيس !!
و بعد ثورة 25 يناير ، فوجئت بالكثير من الناس جل طموحهم ، تغيير افراد لأنهم فاسدون ، و انتهى الأمر ، يجب تغيير هذا البلد من شركة فردية لشركة مؤسسية ، دولة مؤسسات كما كانوا يتشدقون - كذبا للأسف- .
لا يهم من هو القادم رئيسا أو وزيرا ، أو خادما ، الكل محاسب ( أعنى فى الحياة الدنيا ) إن أحسن أكمل ، و إن لم يحسن سرحناه و عينّا غيره.
من نحن ؟ الشعب ، أصحاب البلد و دافعوا الضرائب.
لا داعى للبحث المضنى عن هوية المستقبل ، فلا ضمان لأى اختيار ، إلا لو بعث الله عز و جل لنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه رئيسا ، عندها سيكون الخيار سهلا و مضمونا ، و لكن فى كل اختيار آخر سيكون هناك مخاطرة।!
مثلا عند انتخاب الأمريكيين للرئيس بوش الابن ، لم يكن يدور بذهن أكثرهم تشاؤما و أوسعهم خيالا أن تحدث كل هذه الحروب و الأحداث فى عهده ، و لكن فى أول انتخابات أسقطوه و طووا صفحته و لم تمت البلاد ، بل دارت الماكينة.
هذا ينبغى أن يكون جل جهدنا فى الوقت القادم ، تحويل البلد لمؤسسة ، تدار بواسطة تروس ، و ليست شركة عائلية.
تعديل دستور و قوانين هذا البلد لتصير مؤسسة ، تدار كسيارة بغض النظر عن شخصية و ميول السائق.
اختم بمقولة جميلة للدكتور يحيى الجمل و مقاله اليوم بالمصرى اليوم :
لقد قلت مراراً وتكراراً إن وجود رئيس جمهورية سابق ضمانة من ضمانات الحكم الديمقراطى، لأن الذى يشغل منصب رئيس الجمهورية ويعرف أنه بعد مدة معينة سيسير فى الأسواق بين الناس بغير سلطان لا يحميه إلا القانون وأعماله فى فترة رئاسته، سيكون سلوكه غير سلوك رئيس، يتصور أنه مخلد فى مكانه.
ليكن جهدنا نحو تحويل تعديل دستور و قوانين هذا البلد لتصير مؤسسة ، تدار كسيارة بغض النظر عن شخصية و ميول السائق. .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق