بقلم د . أحمد عبد المؤمن
يؤسفني أن أبلغكم أن الحاجة توافق قد نقلت إلى الرعاية المركزة نتيجة صدمة عصبية شديدة أدت إلى إرتفاع حاد في ضغط الدم و ذلك بعد قرائتها للمقال الأخير للكاتب الألمعي علاء الأسواني "خمسة أنواع من المواطنين الشرفاء" و هي حاليا في حالة حرجة للغاية.
و بذلك تنضم الحاجة توافق إلى شقيقتها الحاجة ثقافة الإختلاف التي ما زالت تتلقى العلاج في العناية المركزة نتيجة قراءة كتابات نفس الكاتب ، و جدير بالذكر أيضا أن الحاجة توافق هي زوجة الحاج أدب الحوار رحمه الله الذي قتل خلال الشهور التي تلت ثورة 25 يناير المجيدة و مثل بجثته على صفحات شبكات التواصل الإجتماعي و البرامج الحوارية المختلفة.
و الحقيقة أنني متعاطف تماما مع الحاجة توافق فرغم أني ثلاثيني العمر إلا أن قرائتي لمقال علاء الأسواني جعلتني أصاب بصداع شديد و ميل للقيء و للأسف لم أجد من يفحص لي ضغط الدم فأخذت أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم و أستغفر الله العظيم و شربت كوبين من الكركديه لأهدأ
ذلك أن الكاتب العالمي قد أجهد نفسه و أضاع من وقته الثمين ليحلل لنا و يصنف لنا المواطنين الشرفاء الذين لا يتوافقون مع رؤية سيادته الفكرية في محاكمة المجلس العسكري فورا و الآن على جرائمه في حق الثوار ، و قد تفتق ذهنه عن تصنيفهم إلى خمس أقسام : فهم إما وزير تابع أو ليبرالي إنتهازي أو متطرف " إسلامي " كاره أو متوائم فاسد أو مذعنون مذعورون
و مشكلاتي مع هذا التصنيف كثيرة فهي
أولا : محاولة رخيصة للحجر على من يخالفونه في الرأي و إهانتهم و تسفيههم
و المفترض في الرجل الليبرالي المنفتح الذي يدافع عن حقوق الأقباط المصريين
و البهائيين و الشيعة و الصوفيين و الليبراليين و اليساريين و العلمانيين ألا يحجر على فكر أحد حتى و إن خالفه.
ثانيا : مقالته هذه تمثل تفتيشا في ضمائر الناس و نواياهم التي لا يعلمها يقينا إلا الله على الرغم من أنه و غيره من الليبراليون يتهمون التيار الإسلامي بأن أنصاره يفتشون في نوايا الناس.
ثالثا : أن الرجل لا يعرف شكلا للتطرف غير التطرف الديني الإسلامي و المتطرف عنده هو المتطرف الإسلامي ذو اللحية الذي يعتنق تفسيرا متطرفا للدين الإسلامي يحضه على الكراهية والعنف بدلا من أن يدفعه الى المحبة والتسامح ، و نسي علاء الأسواني أو تناسى أن التطرف الديني ليس حكرا على الإسلام فهناك متطرفون مسيحيون و يهود ، بل نسي أو تناسى كذلك وجود التطرف الأيديولوجي فهناك متطرفون يمينيون و متطرفون يساريون و نازيون و فاشيون إلخ . نسي كل ذلك و ركز على المتطرفين الإسلاميين لينال غرضه من الإساءة إلى الإسلاميين جميعا معتدلهم و متطرفهم
رابعا : أن الرجل لم يستوعب أن هناك فئة أظنها تمثل أغلبية المصريين ، الشرفاء حقا و ليس تهكما ، آلمها و آذاها العنف المبالغ فيه و مشاهد القتل و السحل للمتظاهرين و تطالب بمحاسبة المسئول عنها و لكنها ترى أيضا أن الإعتصامات ليست هي الوسيلة المثلى الآن للتغيير الذي ننشده جميعا و أن الانتخابات هي الطريق الآمن و العملي للتغيير السياسي و أن المعتصمين ليسوا ملائكة و لا منزهين عن الخطأ و يجب محاسبة من أجرم منهم أيضا.
أخيرا مشكلتي الأهم و الأخطر أن هذا التصنيف ينسف أي محاولة للتوافق المجتمعي و الحوار فهؤلاء الذين ذمّهم و سفههم في معظمهم أناس عاديون يعيشون حولنا
و نتعايش معهم فمنهم جيراننا الذين لم يسيئوا إلينا و أهلونا الذين لن نستطيع الإستغناء عنهم و استبدالهم بآخرين ، و الذين قد نختلف معهم و لكن لا يمكن أن نحتقرهم أو نسفههم.
أنا لا أدافع عن المجلس العسكري أو المخلوع و لا أنكر محاكمة كل من أخطأ سواء من العسكر أو من الثوار كل حسب حجم الجرم الذي اقترفه و بعدالة عمياء لا تفرق بين هذا و ذاك ، أنا فقط أدعو إلى أن نمد أيدينا إلى بعضنا و نحتوي خلافاتنا حتى لا نتلقى العزاء في الحاجة توافق و نتلقى العزاء في وطننا العزيز الذي نحن كلنا فيه شركاء.
مع خالص دعواتي للحاجة توافق و الحاجة ثقافة الإختلاف بالشفاء العاجل و شكرا رابط لصفحة الكاتب على FaceBook
رابط لمقال د. علاء الأسوانى
المقال ملكية فكرية لكاتبه فقط ، و لا يجوز نقله أو اقتباسه دون إذنه.
الآراء المنشورة بالمقال خاصة بكاتبها و ليس بالمدونة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق