يثور هذه الأيام جدل لا نهائى حول نوايا الجيش تجاه ثورة شعب مصر فى 25 يناير.
الجدل شيىء جميل ، لأنه يولد أفكارا ، يحيى موات الخواء الفكرى و البشرى الذى عشنا فيه تحت الحكم المجمد المسمى زعما استقرارا فيما سبق من عقود.
و لكن ثمة توجس ، و ارتياب يظهر على الساحة مبنى على تخمينات ، و افتراضات ، و أحاسيس.
و لما كنا قد تعلمنا أول ما عملنا فى التجارة و الإدارة أن من أهم مبادىء الإدارة السليمة لأى عمل تجارى هى الوضوح و التحديد و عدم ترك أى نقطة مبهمة تحت الزعم و الافتراض بأنها بديهية ، لذا أرى أننا يجب علينا أن ندقق فى ما يثار حول علاقة الجيش بالثورة من هذا المنطلق ، لأن الأمر جد خطير ، بل أزعم أنه أخطر ما مر بالثورة حتى الآن.
واقع الأمر و ظاهره بدأ من البيان الأول للجيش ،
و الذى أعلن قبل الخطاب الأخير للرئيس السابق محمد حسنى مبارك و الذى لم يتنح فيه ، سبق هذا الخطاب البيان الأول للقوات المسلحة المصرية منذ عام 1973
و الذى أعلن قبل الخطاب الأخير للرئيس السابق محمد حسنى مبارك و الذى لم يتنح فيه ، سبق هذا الخطاب البيان الأول للقوات المسلحة المصرية منذ عام 1973
و صدر البيان بتأييد مطالب الشعب المشروعة و انعقاد المجلس العسكرى الدائم حتى اتضاح الأمور.
هذا البيان الذى صدر و كان الرئيس السابق ما زال القائد الأعلى للقوات المسلحة يعنى ببساطة انحياز الجيش للشعب ضد القائد الأعلى ، و يعلم كل من دخل الجيش ، أن الولاء للقيادة و احترام الأقدمية المطلق هو أهم ما يميز النظام داخل الجيش ، و بالتالى فأن ما حدث أمر ثقيل على قادة الجيش ، و لكنه حدث.
الأمر الآخر أن الجيش فعل هذا بمحض إرادته ، لم يكن وقتها طرفا فى الثورة و لا ضدها ، بل تورد الكثير من المصادر مثل صحيفة الجارديان أن الرئيس السابق فى يوم 28 يناير طلب من الجيش وقت نزوله إخلاء ميدان التحرير على طريقة ميدان السلام السماوى بالصين ، و لكن الجيش رفض ذلك و تمسك بعدم التدخل ضد الشعب.
هذا كان الموقف المبدئى ، و لا أذكر أن أحدا يزعم بأن الجيش وقف موقفا سيئا عدا ما أثير عن حيادية الجيش غير المبررة فى يوم موقعة الجحش.
بعد ذلك تم خلع الرئيس تحت مسمى التنحى ، و يحس الكل بأن الأمر كان إجباريا ، و ليس تفضلا منه بل بضغط من الجيش ، استجابة لضغوط الثوار.
و بدأت مرحلة جديدة من الحكم الانتقالى العسكرى ، بدأ الجيش المرحلة بجدول زمنى محدد ، واضح و مفصل ، نظريا مطمئن.
قد يختلف البعض مع ما جاء فى تخطيط الجيش و يطلب أشياء أفضل ، و هذا حقه ،
و لكن أن يصير الخلاف عداوة ، أو مدعاة لتصيد الأخطاء أو التفسيرات الغريبة فهذا غريب .
و لكن أن يصير الخلاف عداوة ، أو مدعاة لتصيد الأخطاء أو التفسيرات الغريبة فهذا غريب .
الجيش انحاز للثورة بمحض أرادته ، و لم نكن نستطيع إجباره على ذلك ، لماذا يعتقد بعض "الثائرين بزيادة" أن الجيش يتآمر لإعادة مبارك ؟
طيب هو مشاه من الأول ليه ؟
و لماذا لم يحيله لمحاكمة فورية ؟ ، هذا تباطؤ و ليس تواطؤ ، اتخاذ القرار فى المؤسسة يختلف عن اتخاذ القرار فى منزلك ، قرارات و تحركات المؤسسات أبطأ من تحركات الأفراد و هذه حقيقة يعلمها كل الناس.
قد تكون هناك ضغوط خارجية لا ندرى عنها شيئا غير ما أعلن ، قد يكون هناك ما لا نفهمه بعد ، و لكن المعلن أغلبه مطمئن ، فلا اتهام سوى بدليل.
الاتهام بالتواطؤ ، تأييس الناس من الجيش هو أخطر فكرة من أفكار الثورة المضادة ، و للأسف يديرها البعض بحسن نية.
لا نؤيد الجيش على بياض ، بل نؤيده عن وعى كما قال الأستاذ بلال فضل.
قد يكون ما يحدث ليس على مستوى توقعاتنا ، و لكن الطريق ما زال أمامنا ، فلنتظاهر كل جمعة دون اعتصام وقت حظر التجول ، هم لم يمانعوا ، و نضغط من أجل تفسيرات لما يحدث ، و لكن دون صدام.
لم يبق فى بلدنا مؤسسة قائمة بحق سوى الجيش و العدل ، إذا سقطت أحداهما ماذا سيبقى لنا ؟
فلنفرض أنى زعمت مثلا أن من اعتصموا من ضباط الجيش هم من الحرس الجمهورى الذى يدين بالولاء للرئيس السابق و أن نزولهم للتحرير مؤامرة على تظاهرات التحرير ، من يستطيع أن ينفى هذا أو يؤيده ؟
أو لنفرض أن الصورة المجاورة هى وثيقة سرية حصلت عليها من أحد مصادرى
خلاصة الأمر ، فى وقت المحن و الضباب و انعدام الرؤية ، الحركة السريعة مضرة ، الحركة البطيئة الواثقة هى التحرك السليم ، فلنستمر فى الضغط و التظاهر طبقا للقواعد ، و لنحاول البحث عن قيادة توافقية نلتزم بها جميعا فى صورة كيان أو حزب ، لأن ما يظهر كتهديد فى الوقت الحالى وجود مليون جنرال فى جيش المتظاهرين و عشرين عسكرى فقط كما فى قصص تان تان.
و أدعو الله ألا نكون كمن قال فيهم أمير الشعراء شوقى فى مسرحيته مصرع كليوباترا
اسمع الشعب(ديون) كيف يوحون إليه ملأ الجو هتافا بحياة قاتليه
أثر البهتان فيه وانطلى الزور عليه ياله من ببغاء عقله فى أذنيه
فلنحكم عقولنا فيما نسمع و نقرأ ، و لتكن عقولنا حاجزا بين آذاننا و عضلاتنا !
سد ودانك و شغل الكتلة الهلامية اللى فوقهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق