Powered By Blogger

الجمعة، 9 يوليو 2010

افراح الروح

الشهيد سيد قطب أحد الأدباء الذين طغت شهرته كمفكر على أدبه ، فيعرف الجميع مؤلفاته و كتبه الدينية و تفسيره فى ظلال القرآن ، و لكن يجهل الكثيرون أنه كان من الأدباء المبرزين فى أول عهده بالكتابة ، و نال ثناءا خاصا فى مقتبل حياته من العقاد ، حيث مدحه فى مقال له ، و من يعرف العقاد ، يدرك مدى ندرة أن يمدح أديبا ناشئا.
للشهيد عديد من الآثار الأدبية ، و لكن أعمقها برأيى هو خاتمة كتاباته : "أفراح الروح"
و هو عبارة عن سلسلة رسائل أرسلها من سجنه لأخته من سجنه بعد الحكم عليه بالإعدام و قبل تنفيذ الحكم ، جمعتها بعد رحيله و نشرتها.
و نعرض منها اليوم الرسالة الأولى :

بسم الله الرحمن الرحيم

أختي الحبيبة... هذه الخواطر مهداة إليك...
إن فكرة الموت ما تزال تخيل لك، فتتصورينه في كل مكان، ووراء كل شيء، وتحسينه قوة طاغية تظل الحياة والأحياء، و ترين الحياة بجانبه ضئيلة واجفة مذعورة. إنني أنظر اللحظة فلا أراه إلا قوة ضئيلة حسيرة بجانب قوى الحياة الزاخرة الطافرة الغامرة، وما يكاد يصنع شيئآ إلا أن يلتقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات!... مد الحياة الزاخر هو ذا يعج من حولي إ.... كل شيء إلى نماء وتدفق وازدهار.. الأمهات تحمل وتضع، الناس والحيوان سواء، الطيور والأسماك والحشرات تدفع بالبيض المتفتح عن أحياء وحياة.. الأرض تتفجر بالنبت المتفتح عن أزهار وثمار.. السماء تتدفق بالمطر، والبحار تعج بالأمواج.. كل شىء ينمو على هذه الأرض ويزداد!.
بين الحين والحين يندفع الموت فينهش نهشه و يمضي، أو يقبع حتى يلتقط بعض الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات!.. والحياة ماضية في طريقها، حية متدفقة فوارة، لا تكاد تحس بالموت أو تراه !!
قد تصرخ مرة من الألم، حين ينهش الموت من جسمها نهشه، ولكن الجرح سرعان ما يندمل، وصرخة الألم سرعان ما تستحيل مراحآ.. و يندفع الناس والحيوان، و الطير و الأسماك، الدود و الحشرات، العشب و الأشجار، تغمر وجه الأرض بالحياة والأحياء!.. والموت قابع هنالك ينهش نهشه ويمضى ... أو يتسقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات!!.
الشمس تطلع، والشمس تغرب، والأرض من حولها تدور، والحياة تنبثق من هنا و من هناك.. كل شيء إلى نماء.. نماء في العدد و النوع، نماء في الكم والكيف.. لو كان الموت يصنع شيئا لوقف مد الحياة!.. ولكنه قوة ضئيلة حسيرة، بجانب قوى الحياة الزاخرة الطافرة الغامرة...!.
من قوة الله الحى... تنبثق الحياة وتنداح!!.

لنا أن نلاحظ أن هذه الكلمات الباسمة النابضة بالحياة و التفاؤل مكتوبة فى زنزانة الإعدام!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق